ملخص: أبانت جائحة كوفيد-19 عن هشاشة النظم الصحية في العديد من الدول أمام الأوبئة والجوائح. وأضحى تطوير ووضع التدابير والإجراءات اللازمة للرفع من قدرات الدفاع ضدها، أمرا حتميا، استعدادا للطارئ الصحي العام القادم، الذي لا يعرف أحد متى سيحدث.
وخلال الجائحة وبعدها، ظهر استخدام واسع لمصطلح الأمن الصحي، في كل الخطابات الأكاديمية والسياسية. حيث أصبح الاقتناع عاما بأهميته، إلا أنه لا يوجد إجماع حول ما يعنيه هذا المصطلح فعليا. ويزداد الخلاف بشأن المجالات التي يشملها، مما يُسقط الكثير من الباحثين والخبراء والعلماء في العموميات. فبالرغم من تسويق الأمن الصحي على أنه يُعْنَى بالوقاية من الأوبئة فإن الكثيرين يطالبون بتوسيع المفهوم ليشمل مجالات صحية أخرى.
وانطلاقا من مجموعة من الدروس المستفادة من كوفيد-19، ومع تراكم التجارب، فإننا نرى استخدام مصطلح الأمن الوبائي أفضل في الوقت الراهن، للتركيز على الاستعداد والتأهب والاستجابة للجوائح، من خلال استراتيجية واضحة وعملية تشمل بالخصوص تدابير الرصد الوبائي، تقييم المخاطر، التكفل بالحالات، تدبير المخالطين والبؤر، البحث العلمي، التواصل والحكامة.
كل هذه التدابير تستلزم استثمارا ماديا، لوجستيا وبشريا، مع نسيان أسطورة أن الأمراض المعدية جزء من الماضي.
Preparedness and Response to Future Pandemics: Epidemic Security
Abstract : The COVID-19 pandemic has exposed the fragility of many countries' health systems in the face of epidemics and pandemics. It has become imperative to develop and implement the necessary measures and procedures to increase security capabilities against epidemic threats, in anticipation of the next public health emergency, which no one knows when it will occur.
Based on a set of lessons learned from Covid-19, and with the accumulation of experiences, we consider it urgent to implement an epidemic security strategy through a clear and practical approach that includes measures for epidemiological monitoring, risk assessment, case management, contact tracing, field and cluster investigation, epidemiological research, communication and governance.
All these measures require financial, logistical and human investments, while dispelling the myth that infectious diseases are a thing of the past.
مقدمة:
يعيش العالم متغيرات عدة سريعة ومتسارعة بيئيا، واقتصاديا، واجتماعيا وسياسيا. ففي وقتنا الحاضر، يشكل التمدن الفوضوي، واضطرابات النظام البيئي مع التغيرات المناخية، وزيادة توافر النقل مع ارتفاع الأسفار الدولية جوا وبرا وبحرا، والحروب والنزاعات مع نزوح السكان، وتراجع برامج التلقيح، وتطور مقاومة مضادات الميكروبات، العوامل المواتية لحدوث الأوبئة والجوائح. حيث تواجه اليوم الدول والمنظمات الإقليمية والدولية والوكالات الصحية والبحثية وغيرها تحدي تكرار هذه الأزمات وعواقبها على التوازنات الصحية والاجتماعية والاقتصادية. إننا في فترة تاريخية جديدة من عودة الأوبئة وتكرار الجوائح (1)
وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية، عملية علمية عالمية لتحديث قائمتها لمسببات الأمراض ذات الأولوية التي يمكن أن تسبب فاشيات أو جوائح خطيرة وذلك بهدف تعزيز التأهب والاستجابة العالميين لأي أوبئة وجائحة مستقبلية وتطوير خرائط طريق للبحث والتطوير لكل مرض (2). وتنشر المنظمة لائحة محينة لكنها ليست شاملة، ولا تشير إلى الأسباب الأكثر احتمالا للوباء المقبل. وفي الوقت الحاضر، فإن الأمراض ذات الأولوية هي: كوفيد-19، حمى القرم والكونغو النزفية، مرض فيروس الإيبولا ومرض فيروس ماربورغ، حمى لاسا، فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس)، أمراض نيباه وهينيبا-فيروس، حمى الوادي المتصدع، زيكا و "المرض X" الذي يمثل وباءً دوليًا خطيرًا ناجمًا عن عامل ممرض غير معروف حاليًا. فضلا عن الأمراض السابقة، فتعد جائحة الإنفلونزا التي تحدث عندما يظهر فيروس إنفلونزا جديد وينتشر في جميع أنحاء العالم، من الاحتمالات التي تأتي في مقدمة ترتيب أسباب الجوائح القادم (3).
لقد كان كوفيد-19 حدثا تاريخيا بامتياز وأظهر بالملموس مدى افتقار العالم بشكل عام إلى الاستعداد والتصدي للأوبئة والجوائح، وعموما أبان عن هشاشة سياسات الصحة العامة (4). إن تهديدات الفاشيات والجوائح التي تواجه البشرية في الوقت الراهن أمر غير مسبوق، والاستعداد للمواجهة شيء حتمي والأمن الوبائي أصبح جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي. ونتناول في هذا المقال مفهوم الأمن الوبائي ومرتكزاته بناء على الدروس المستفادة من كوفيد-19.
الأمن الصحي:
منذ ولادة مصطلح الأمن الصحي في فرنسا بداية التسعينات من القرن الماضي، عقب أزمة الدم الملوث (5)، ما فتئ الخبراء والعلماء والباحثون وكذا الهيئات الدولية في تطوير وتغيير معاني ومجالات هذا المفهوم. ولا يوجد لحد الآن فهم موحد أو تعريف متفق بشأنه للأمن الصحي. تختلف التعريفات ولا تتوافق أحيانا، مما يعقد إيجاد استراتيجيات واضحة للأمن الصحي والتواصل بشأنها، مؤثرا بالتالي على التعاون والتنسيق داخل المنظومات الصحية الوطنية وبين بعضها البعض وكذا مع باقي المتدخلين في الصحة العامة (6).
فبالرغم من الاستخدام الواسع والاقتناع العام بأهمية الأمن الصحي في الخطابات الأكاديمية والسياسية (7) إلا أنه لا يوجد إجماع حول ما يعنيه هذا المصطلح فعليا حتى داخل وكالات الأمم المتحدة نفسها (8)، مما يزيد من التساؤلات حول الأمن الصحي: لمن؟ وضد ماذا؟ وكيف؟ ومن المسؤول؟ وغيرها من الأسئلة المشروعة...ولا يزال الخبراء والباحثون في الصحة العامة يختلفون في الكثير ويتفقون في القليل. ومن بين ما يتفقون عليه هو الحماية من التهديدات...لكن حتى في هذا يختلفون بشأن ماهية هذه التهديدات؟؟؟
يزداد الغموض والارتباك حول الأمن الصحي وعلاقته بالصحة العامة ومكانه داخل المنظومات الصحية، كما يزداد الخلاف بشأن المجالات التي يشملها الأمن الصحي مما يسقط الكثير من الباحثين والخبراء والعلماء في العموميات دون أن يتم تحديد المترتبات العملية على صحة الإنسان والمجتمع.
الأوبئة والأمن الصحي:
كلما ذكر الأمن الصحي إلا وربط بشكل أوتوماتيكي بالأوبئة على الأقل في كل تقديم وتمهيد. ففي عالمنا المترابط بشكل متزايد، يمكن أن تتفشى الأمراض المعدية عبر مساحات واسعة في وقت قياسي. الأمر الذي أكدته حالة الطوارئ الناجمة عن فيروس كورونا سنة 2002 وجدري القردة سنة 2022. وهكذا فإن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الأمن الصحي العالمي يتحقق بوجود أنظمة صحة عامة قوية ومرنة، يمكنها الوقاية من تهديدات الأمراض المعدية واكتشافها والاستجابة لها أينما حدثت في العالم. (9).
وعلى الرغم من تركيز أجندة الأمن الصحي العالمي بشكل واضح على تهديدات الأمراض المعدية، فإن العديد من التعريفات مفتوحة بشكل متعمد على أنواع أخرى من التهديدات أو المخاطر أو الأحداث أيضًا.
في ماي 2023، نشرت لجنة المجلة العلمية العالمية" لانسيت" مقالا بحثيا حول أوجه التآزر والتناغم بين التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي وتعزيز الصحة (10). حيث أفادت فيما يهمنا أن مصطلحات الأمن الصحي والأمن الصحي العالمي، كلاهما موجود في الأدبيات دون إجماع صريح على الفرق بين الاثنين، ويتم استخدامها بشكل متبادل تقريبًا في بعض المنشورات. ووفقا لراشتون (11) هناك "صيغتان مختلفتان جذريًا للأمن الصحي: صيغة وطنية تركز في المقام الأول على منع دخول الأمراض إلى داخل الدولة أو زعزعة استقرارها بطريقة أخرى، وصيغة عالمية مفتوحة للنظر في مجموعة أوسع بكثير من القضايا التي تهدد صحة الأفراد ورفاههم. أما هيمان (12) فيدعو إلى توسيع مفهوم الأمن الصحي السائد ليشمل أيضًا الأمن الصحي الفردي (الوصول الشخصي إلى الخدمات والمنتجات والتقنيات الصحية الآمنة والفعالة)، والأمراض غير المعدية.
وبالرغم من الانتقادات الموجهة إلى التعريفات المشتركة للأمن الصحي، ارتأت اللجنة أنه من المهم التركيز على العناصر الأساسية في جميع التعاريف، على وجه التحديد، المخاطر الصحية التي تنتشر بسرعة، والتي قد تتجاهل الحدود الدولية، مهما كانت مسبباتها المرضية. ورأت اللجنة أن تعريف منظمة الصحة العالمية هو التعريف العملي للأمن الصحي والأمن الصحي العالمي. حيث تعتبره المنظمة هو الأنشطة المطلوبة، سواء كانت استباقية أو تفاعلية، لتقليل مخاطر وتأثير أحداث الصحة العامة الحادة التي تعرض صحة الناس للخطر عبر المناطق الجغرافية والحدود الدولية (13).
دروس كوفيد-19:
كثيرة هي الدروس المستخلصة من جائحة كوفيد-19، وأكثر منها المقالات والتقارير ذات الصلة، التي لاتزال تنشر، متناولة الموضوع من زوايا مختلفة ومعمقة البحث في مجالات بعينها. وما يهمنا في هذا الباب هو الجانب الصحي، خاصة الشق التقني. وبعد اطلاعنا على مجموعة من هذه التقارير والمقالات، توافق الكثير منها مع استنتاجاتنا من تجربتنا الشخصية، مع بعض الخصائص. أما بعض النقاط المذكورة في بعض التقارير، فلم نرى منها شيئا ولا نوافق أصحابها، ولربما كانوا ممن لم يكونوا في المعركة وخُيّلت لهم أمور لم تحدث واستنتاجات غير صحيحة، أو على الأقل كانت في أماكن أخرى في العالم ولم تتمثل عندنا في المغرب. فبمجرد تحسن الوضع الوبائي العام خرج الكثير من المجتهدين لتقديم الدروس: كان ينبغي أن نفعل هكذا وليس كما كان...ونسي الكثيرون قاعدة علمية أساسية في التقييم، لا يمكن الحكم على إجراء الأمس بمعطيات اليوم، إنما نقيم كل تدبير بمعطيات وقته ومكانه.
نلخص هذه الدروس حسب تجربتنا الشخصية في تسع أساسية:
الدرس الأول: الموارد البشرية الصحية العاملة في مجال اليقظة والاستجابة للأوبئة
لقد أبانت جائحة كوفيد-19 على أن وجود أعداد كافية من الأطر المدربة والمستعدة للتعامل مع الأوبئة، مهما كان حجمها، يعد أمرا أساسيا في وقت السلم وإجباريا عند الاستجابة للأزمات الوبائية. هذا لا يعني أن يكون خلال وقت السلم عدد كبير من الأطر منتظرين ظهور وباء ما، بل يجب تخصيص مجموعتين. مجموعة أساسية أولى محدودة العدد، يكون عملها اليومي هو الرصد الوبائي وتقييم المخاطر والتدخل خلال الحالات الوبائية المعتادة والمحدودة في الزمان والمكان. ومجموعة ثانية احتياطية تشتغل في مهام مختلفة، لكنها ممرنة ومستعدة لتقديم الدعم اللازم خلال الأوبئة الكبرى. فالأطر الصحية التي تعمل تحت ضغط كبير، مختلف الأوجه لفترات طويلة، ينتهي بها الأمر الى إرهاق كبير أو حتى مشاكل نفسية، وهذا ما تسبب خلال الجائحة بترك بعضهم لعملهم بشكل نهائي أو جزئي وكذلك بانخفاض القدرة عند البعض على حلحلة المشاكل وكذا الفعالية.
الدرس الثاني: الاستعداد لأزمة الصحة العامة التالية
توصي جميع المنظمات والهيئات الصحية العالمية بضرورة تحديث خطط التأهب لجميع المخاطر وجعلها مرنة وقابلة للتطوير مع الحفاظ على المكاسب التي حققتها القدرات الوطنية وتصحيح النقائص بغرض الاستعداد والتحضير لأزمة الصحة العامة القادمة. فعامل السرعة والاستباقية لتدبير الأزمات الوبائية يلعب دورا أساسيا للحد من اثارها المباشرة وغبر المباشرة. ومن الضروري العمل في إطار مشترك بين جميع القطاعات المتدخلة في مجال التأهب والاستجابة لأزمات الصحة العامة، مع تحديد للمسؤوليات في مراعاة تامة للتخصص والاختصاص.
ويعد التكوين والتدريب وتمارين المحاكاة من الركائز الأساسية للاستعداد للأوبئة. فلتدبير أزمة وبائية، عليك أن تجيد التعلم بسرعة ولكي تتعلم بسرعة أثناء الأوبئة، يجب أن تكون قد تعلمت الكثير قبل حدوثها.
الدرس الثالث: التواصل السريع المتسارع غير المتسرع
التعجيل بالتواصل مع الساكنة أمر في قمة الأهمية، لسد الباب أمام الإشاعات والأخبار غير الصحيحة أو المزيفة عمدا أو التحليلات البعيدة عن الواقع. وسرعة الأحداث الصحية وكثرتها وتغير الوضع الوبائي خلال الأزمات الوبائية، تلزم المنظومات الصحية بتكييف السرعة في التواصل مع الزمن. تزداد سرعة التواصل أو تنقص ولا يمكن أن تبقى ثابتة بنفس النمط، فلا تفريط ولا إفراط. كل هذا يجب ألا يسقطنا في الفعل دون تمعن وروية ورؤية واضحة أو شبه واضحة للأمور. وهكذا فمن الأخطاء التي يجب تجنبها خلال أية أزمة وبائية هو التسرع. لتصبح مهمة مسؤولي التواصل في المنظومات الصحية واحدة من أعقد المهام من الناحية العملية التطبيقية الميدانية: تواصل سريع يتكيف مع الأوضاع وغير متسرع.
الدرس الرابع: المختصر المفيد والتحيين المستمر
عند حدوث أزمة وبائية، فإن الحلول الموجودة مسبقًا ليست دائما كافية لتلبية احتياجات الموقف في الواقع، ويقع شيء من عدم الملاءمة بين التدابير المخطط لها والواقع على الأرض (14). هذا بالنسبة للأوبئة المعروفة. أما بالنسبة لمرض جديد مثل كوفيد-19 فالسياق يتسم بانعدام المعرفة حول الحقائق والتطورات المحتملة للوضع. في ضوء كل هذا فإن البروتوكولات الصحية يجب أن تكون واضحة ومباشرة وغير قابلة للتأويل وذلك بصيغة مختصرة شارحة وعملية، بعيدا عن التنظير والكلام الكثير الذي نجده في كثير من الدلائل. ومع توالي الأحداث وتطور الوضع الوبائي والصحي العام وبناء على ظهور وتواتر المعلومات والمعارف العلمية وأخذا بعين الاعتبار المعطيات الميدانية، يصبح تحيين البروتوكولات أمرا حتميا.
الدرس الخامس: الشجاعة العلمية
عندما يحدث وباء جديد، فإن الأمر يصبح جد معقد وغاية في الصعوبة. حيث لا يعرف أحد خصائص الكائن المجهري المسبب، ولا أعراض المرض ومضاعفاته، ولا تطور الوباء في الزمان والمكان ولا عوامل الإختطار، وتنعدم بالطبع الحلول الطبية للتكفل بالحالات ويحدث الارتباك في تدبير المخالطين وتقييم احتماليه إصابتهم. أمام هذه الصعوبات الكبيرة، لابد للأخصائيين والخبراء، أن يتحلوا بدرجة عالية من الشجاعة العلمية في تقديم الحلول المؤقتة، اعتمادا على المعلومات الشحيحة التي قد تتوفر في البداية، أو اعتمادا على تجارب سابقة لأمراض مماثلة. أي عليهم أن يبحثوا في خضم ظلام دامس وقاتم، على أي ضوء ولو كان جد ضئيل في انتظار وضوح الرِؤيا بشكل جلي، والذي لا يحدث إلا بعد مرور فترات قاسية من تراكم للحالات الهينة والوخيمة والوفيات.
الدرس السادس: المخزون الاستراتيجي للجوائح والأوبئة وخريطة المخاطر
تعرضت جل الدول خلال جائحة كوفيد-19 لصعوبات متفاوتة الخطورة في توفير وسائل الوقاية والتعقيم والأدوية والأوكسجين ومستلزمات العناية المركزة ووسائل التشخيص. وأصبح توفر مخزون استراتيجي صحي أمرا أساسيا، لأنه لا يمكن التنبؤ بمخاطر وشدة الوباء، ولا تاريخ حدوثه. ويمكن جدا أن تنتهي صلاحية بعض أو كل مكوناته دون الحاجة إلى استخدامه. ومع ذلك، التجديد المستمر يبقى أمرا ضروريا ويجب أن يُنظر إليه كالتأمين، الذي قد لا نحتاجه أبدا ومع ذلك نلتزم بكلفته. ويبقى السؤال المطروح هو مكونات هذا المخزون، فلكل جائحة خصائصها ولا يمكن اعتبار كوفيد-19 المرجع الوحيد لتحديد عناصر المخزون، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار خريطة المخاطر الوبائية المحَيَّنَة باستمرار، مع رصد مستمر لكل ما يقع خارج الحدود.
الدرس السابع: نهاية أسطورة "الأمراض المعدية جزء من الماضي"
في أواخر السبعينيات، كان بعض العلماء يستعدون لإغلاق ملف الأمراض المعدية، معتقدين أنه يمكن السيطرة عليها من خلال النظافة والصرف الصحي والمضادات الحيوية واللقاحات (15). لكن خيبة الأمل كانت كبيرة مع ظهور العديد من الأوبئة كالإيدز (1983)، والسارس (2002)، وأنفلونزا الطيور H5N1 (2003)، وإنفلونزا الخنازير H1N1 (2009) ، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (2012)، ومرض فيروس الإيبولا (2014)، وزيكا (2015)، و كوفيد-19 وجذري القردة وغيرها كذلك من الأمراض المتجددة التي بدأت ترفع من نشاطها في العالم، كالكوليرا مثلا. من ناحية أخرى سلطت جائحة كوفيد-19 الضوء على ضعف وتراجع السياسات الصحية الوقائية في عدد من الدول (16).
وهكذا يعاد إحياء النقاش حول قدرتنا على منع وإدارة تفشي الأمراض المعدية والأوبئة. وللسيطرة بشكل واقعي على الأمراض المعدية، لا بد من النظر في العوامل البشرية والحيوانية والبيئية معا، واعتماد المبادرات الأكثر فعالية مثل: التطعيم، محاربة النواقل، تعزيز ممارسات النظافة الشخصية، سلامة الأغذية والتغذية السليمة، الحد من الاتصال البشري بالحياة البرية والماشية، محاربة مقاومة مضادات الميكروبات و تطوير أخرى جديدة، الحد من الفوارق الاجتماعية، الحفاظ على التنوع البيولوجي واحتواء تغير المناخ، توفير الماء الصالح للشرب و توفير الظروف الملائمة للصرف الصحي، التخطيط الحضري مع السيطرة على التجمعات البشرية، والحد من الفوارق الاجتماعية وغيرها من الإجراءات(17).
الدرس الثامن: فجوات كبرى في برامج الوقاية من العدوى ومكافحتها في المرفق الصحي
سلط فيروس السارس-كوف-2 الضوء على مدى ضآلة ما نعرفه حقًا عن مكافحة العدوى. حيث أظهرت جائحة كوفيد-19 ارتفاع معدل انتقال العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية وتفشي الأمراض التي تؤثر على العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين هم في طليعة هذه الأزمات (18). وفي هذا الإطار تعرض الكثير من الكوادر الصحية للإصابة بالمرض أو حتى الوفاة جراء التكفل بالمرضى.
الدرس التاسع: الخطأ الحرام والخطأ المكروه
خلال تدبير جائحة كوفيد-19، خاصة في بداياته أو عندما ظهور أي متحور جديد، يتم غالبًا التعامل مع الأمر دون فرضية واضحة موحدة، حيث تطرح تساؤلات كثيرة عن مستوى الانتشار والضراوة والفتك والهروب المناعي والاستجابة للعلاج. وعلى الرغم من ذلك، وفي انتظار توفر البيانات الكافية لتتوضح الرؤيا، يتوجب اتخاذ قرارات وإجراءات مواجهة عاجلة من أجل ضمان حماية صحة الأفراد والسكان. في ظل هذه الإكراهات، يمكن الوقوع في نوعين من الأخطاء التقديرية:
- الخطأ من النوع "أ": عدم اتخاذ أي إجراء استثنائي وتقدير الخطر كوْنَه ضعيفا والأمور معتادة------ لكن الواقع غير ذلك تماما. حيث ستُظهر الأحداث أن الخطر كبير. آنذاك تتعقد الأمور، وتكون النتائج جد خطيرة على الصحة العامة. هذا النوع من الأخطاء تعد قاتلة ومحرمة على مدبّري الطوارئ الوبائية.
- الخطأ من النوع "ب": اتخاذ إجراءات استثنائية واحترازية واعتبار الخطر كوْنَه كبيرا والأمور غير معتادة------ لكن الواقع غير ذلك تماما. حيث ستُظهر الأحداث أن الخطر ضعيف. آنذاك تكون قد بُذلَت مجهودات كبيرة وصُرفَت ميزانية معينة دون داع. هذا النوع من الأخطاء لا تعد قاتلة. هي منهكة للمنظومة الصحية وللدولة بأسرها، ويجب تفاديها والتقليل منها قدر الإمكان.
الأمن الوبائي:
تعريف: انطلاقا من تعريف منظمة الصحة العالمية للأمن الصحي، نقترح التعريف التالي للأمن الوبائي: مجموع الإجراءات والتدابير والأنشطة الملائمة اللازم اتخاذها، بشكل وقائي واستباقي وتفاعلي في منطقة جغرافية معينة، للحد أو لتقليل مخاطر وتأثير الفاشيات والجوائح على الصحة العامة.
المرتكزات:
- اليقظة الوبائية: منظومة متكاملة للرصد والتحقق من التهديدات الوبائية المحتملة للصحة العامة (19) بغرض الإنذار المبكر. يجب أن تنبني هذه المنظومة على الذكاء الوبائي من خلال جمع وتحليل وتفسير المعلومات من جميع المصادر عن طريق استراتيجيتين أساسيتين:
- المراقبة القائمة على المؤشّرات: هو الجمع المنهجي، والرصد، والتحليل، وتفسير البيانات المنظّمة (المؤشرات الخاصة بالمرض) التي تنتجها المرافق الصحية أو مصادر أخرى يمكن تحديدها (20)
- المراقبة القائمة على الأحداث: التي تسمح باكتشاف ودعم التحقيقات في تفشي المرض في مراحلها الأولى، وغالبًا قبل تحديد السبب. وتنظر هذه الاستراتيجية في التقارير والقصص والشائعات والمعلومات الأخرى حول الأحداث الصحية التي يمكن أن تشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العامة للأفراد والمجتمعات (21). فالمراقبة القائمة على الأحداث هي عملية جمع ورصد وتقييم وتفسير منظمة للمعلومات غير المنظمة حيث تم تصميمها لاكتشاف الأحداث غير العادية والجديدة التي لم يتم التقاطها في أنظمة المراقبة التقليدية القائمة على المؤشرات الموجهة نحو الحالات. (22)
- خارطة المخاطر والبرامج الوقائية: يستلزم الأمن الوبائي وضع وتحيين خارطة للمخاطر الوبائية التي يمكن أن تنبع من أمراض لم يسبق لها الانتشار في منطقة ما "الأمراض المستجدة"، أو لأمراض تم القضاء ثم تعاود الانتشار من جديد "الأمراض المتجددة" أو لمتوطنات على شكل حالات معزولة وفردية والتي يمكن أن ينتج عنها فاشيات كالتهاب السحايا مثلا في المغرب. وبعد تحديد خارطة المخاطر الوبائية، يجب وضع برامج وقائية مناسبة. الكثير من الأوبئة يمكن تفاديها بأمور بسيطة في بعض الأحيان. ولعل غسل اليدين يعد خير مثال على ذلك. ويعد التلقيح واحدا من الحلول المثالية حينما يكون متوفرا.
- تقييم المخاطر: فضلا عن خارطة المخاطر الوبائية التي توضع بشكل روتيني، يستلزم الأمن الوبائي عمليات مستعجلة منهجية لجمع وتقييم وتوثيق المعلومات لتحديد مستوى المخاطر الوبائية وتقييم جوانب الهشاشة وذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإدارة وتقليل العواقب السلبية للمخاطر الحادة على الصحة العامة (23) . تتم هذه العملية من طرف فريق متعدد الاختصاصات بعد التأكد من أن الحدث المبلغ عنه حقيقي ويمكن اعتباره خطرًا مباشرًا حيث يجب تحديد أهميته على الصحة العامة.
- التحقيق الوبائي: هو عملية سريعة ميدانية ومحدودة الوقت لجمع البيانات ووصف الظاهرة لتحديد العامل المسبب والمصدر وطرق الانتقال والنواقل وعوامل الاختطار أو الخطر مع تحديد السكان المعرضين للمخاطر. يعد عامل السرعة أساسيا، فكلما تأخر التحقيق، تزداد الصعوبة. فالتحقيق الميداني السريع يُمَكن من الحد من الانتشار والوقاية من تكرار حدوث حالات مماثلة وزيادة المعرفة وتقييم جودة نظام الإنذار وإنشاء نظام جديد إذا لزم الأمر. لابد من التوجيه بأن التحريات يتم إجراؤها بواسطة فريق وليس فردًا واحدًا فقط. حيث يجب اختيار أعضاء الفريق قبل المغادرة ومعرفة أدوارهم ومسؤولياتهم المتوقعة في الميدان.
- الاستعداد والتأهب: يتضمن تقييم القدرات والإمكانيات ووضع الخطط والبروتوكولات وإنشاء البنى التحتية وصيانتها وتجهيزها، والسهر على المخزون الاستراتيجي والحفاظ عليه وتجديده، وتدريب الأطر الصحية وتنفيذ تمارين المحاكاة.
- الاستجابة: تشمل استخدام موارد التأهب لتنفيذ الأنشطة والإجراءات اللازمة لمواجهه الحدث. كما تشمل إدارة الحدث بصورة استباقية وسريعة. وتضم بالخصوص التقييم المستمر للوضع وتعبئة الموارد الخاصة بالعلاج والوقاية وتعزيز الترصد واقتفاء أثر المخالطين والتكفل بالحالات وتدبير البؤر وإجراءات الصحة البيئية والوقاية من العدوى ومكافحتها بالمؤسسات الصحية والمراقبة الصحية عبر الحدود.
- التواصل: يعد التواصل مع الجمهور مرتكزا أساسيا في الاستعداد والاستجابة للأوبئة من خلال تزويد السكان من طرف الخبراء والمسؤولين بالمعلومات التي تخلق الوعي والمعرفة حتى يتسنى لهم تصحيح فهمهم الشخصي للمخاطر وكذلك ردود فعلهم وقراراتهم وتصرفاتهم إزاء التهديدات والأزمات.
- التعافي: هو استعادة المرافق الصحية لأنشطتها الروتينية والعودة الى أنشطة الرصد الروتيني وتقييم حصائل الاستجابة وتنفيذ خطة عمل للتخفيف من آثار الحدث الوبائي على الخدمات الصحية المعتادة وكذا تحسين عمليات الاستجابة في المستقبل. (24)
- الأبحاث الوبائية: لابد من الاهتمام بالأبحاث الوبائية الميدانية المتعلقة بالجوائح والفاشيات والمساهمة في الجهد العالمي لجمع وتبادل أفضل المعارف والأدلة المتاحة بسرعة بشأن الأمراض، وعلى التدابير المضادة المحتملة المتاحة (25).
- الحكامة والإدارة: يظل واضحًا أن هناك حاجة ماسة إلى تعزيز الصحة العامة وتعزيز التعاون داخل القطاع وبينه وبين باقي المتدخلين، للمساعدة في بناء القدرة على الصمود للتعامل مع حالات الطوارئ المستقبلية. وفي العديد من الدول، خلال أزمة كوفيد-19، ظهر افتقار إلى الحكامة الوظيفية لحالات الطوارئ الصحية (26)، ولم تكن هياكل الإدارة الروتينية مرنة بما يكفي للعمل بالسرعة المطلوبة لاتخاذ إجراءات عاجلة ومنسقة ضمن استجابات معقدة وبعيدة المدى. لابد من المضي قدماً بإدارة الطوارئ الصحية من خلال تعزيز هياكل لإدارة الطوارئ الصحية على مختلف المستويات.
مجالات خاصة: بالإضافة إلى هذه المرتكزات الخاصة بالفاشيات والجوائح، لابد من خطط مسبقة للتعامل مع مجالين أساسيين.
- الأمن الوبائي خلال الكوارث الطبيعية: من خلال منظومة لليقظة الوبائية، والإنذار المبكر والاستجابة السريعة. تسمح لنا مراقبة أمراض الصحة العامة باكتشاف تفشي الأمراض وتتبع اتجاهات المرض. حيث إن الاكتشاف المبكر والاستجابة يمكن أن يقلل من احتمالية تفشي المرض. بالإضافة إلى ذلك، يتيح إجراء المراقبة الصحية لقادة الصحة العامة وصناع القرار اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن عناصر العمل مثل تخصيص الموارد، واستهداف التدخلات لتلبية احتياجات محددة، والتخطيط للكوارث المستقبلية (27).
- الأمن الوبائي في محاربة الإرهاب البيولوجي: الإرهاب البيولوجي هو الإطلاق المتعمد للفيروسات أو البكتيريا أو المواد السامة أو غيرها من العوامل الضارة الأخرى لتسبيب المرض أو الوفاة للبشر أو الحيوانات أو النباتات. ويمكن أن تنتشر العوامل البيولوجية المعدية أو السامة دون سابق إنذار، وتتوقف مواجهة حادث بيولوجي، سواء أكان طبيعيا أم عرضيا أم متعمدا، على التنسيق بين قطاعات متعددة. حيث إن الحاجة ماسّة إلى استراتيجيات منظمة للوقاية والتأهب والمواجهة. وعلى القطاع الصحي التأهب للتعامل مع هذه الاحتمالات بتنسيق تام وقيادة للسلطات الأمنية (28).
خطة العمل:
تعد قدرة المنظومة الصحية على الاستجابة السريعة والفعالة للجوائح وفاشيات الأمراض عنصراً ضرورياً وحاسما وليس تكميليا أو ثانويا. حيث أثبتت جائحة كوفيد-19 أن أحداث الصحة العامة الكبرى يمكن أن تعيد إلى الوراء مسار عقود من التقدم المحرز في تطوير المنظومة الصحية ويمكن أن تترتب عنها مخاطر وآثار جسيمة تتجاوز الصحة بكثير (29) . ومنه، فإن وضع خطة عملية للأمن الوبائي يعد ضرورة ملحة ومستعجلة بناء على الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19 ومرتكزات أي منظومة للأمن الوبائي.
ويتعين مواءمة خطة العمل بتحديد الموارد المالية والبشرية واللوجستية ووضعها في الميزانية المخصصة للقطاع الصحي وتمويلها. وعلى سبيل الاستئناس نقترح هنا نموذجا لبنية خطة العمل للأمن الصحي:
خلاصة:
فضلا عن مهمتها في الوقاية والعلاج، ولكي تكون منظومة صحية شاملة ومتكاملة، فلابد لها أن تكون معبأة وفعالة بدرجة عالية من أجل التصدي للأوبئة والجوائح. إن حدوث جائحة أخرى أمر حتمي وتفشي أوبئة مسَيْطَر عليها حاليا جد وارد في ظل تراجع البرامج الوقائية، والدرس الجامع الشامل لكوفيد-19 هو ضرورة الابتعاد عن العموميات ووضع استراتيجية استباقية تأمينية وبراغماتية وخاصة، لا يمكن إلا تسميتها بالأمن الوبائي الذي يعد المكون الأساس للأمن الصحي. والأمن الوبائي ليس ضمانا نهائيا ضد طوارئ الصحة العامة، إنما يمكن النظم الصحية من الصمود أمامها وعدم الانهيار.
المراجع:
(1) J.F. Delfraissy.. French research organization on emerging infectious diseases: From REACTing to ANRS emerging infectious diseases. Bulletin de l'Académie Nationale de Médecine- Volume 207, Issue 3, March 2023, Pages 287-294.
(2)WHO. Prioritizing diseases for research and development in emergency contexts. https://www.who.int/activities/prioritizing-diseases-for-research-and-development-in-emergency-contexts
(3)EMRO-WHO. Influenza pandemic. online. https://www.emro.who.int/health-topics/pandemic-influenza/introduction.html
(4)Fauci AS. It Ain't Over Till It's Over … but It's Never Over - Emerging and Reemerging Infectious Diseases. N Engl J Med. 2022 Dec 1;387(22):2009-2011. doi: 10.1056/NEJMp2213814. Epub 2022 Nov 26.
(5)T. Didier, « La sécurité sanitaire, réforme institutionnelle ou résurgence des politiques de santé publique ? », Les Tribunes de la santé, 2007/3 (n° 16), p. 87-103.
(6)Augustynowicz A, Opolski J, Waszkiewicz M. Health Security: Definition Problems. Int J Environ Res Public Health. 2022 Aug 13;19(16):10009.
(7)Malik SM, Barlow A, Johnson B. Reconceptualising health security in post-COVID-19 world. BMJ Glob Health. 2021 Jul;6(7):e006520.
(8)Aldis W. Health security as a public health concept: a critical analysis. Health Policy Plan. 2008 Nov;23(6):369-75.
(9)USA-CDC ; Key Achievements of GHSA. https://www.cdc.gov/globalhealth/resources/factsheets/5-years-of-ghsa.html
(10)HE LANCET COMMISSIONS| VOLUME 401, ISSUE 10392, P1964-2012, JUNE 10, 2023
(11)Rushton S. Global health security: security for whom? Security from what?. Polit Stud. 2011; 59: 779-796
(12)Heymann DL Chen L Takemi K et al. Global health security: the wider lessons from the west African Ebola virus disease epidemic. Lancet. 2015; 385: 1884-1901
(13)WHO. Health security. https://www.who.int/health-topics/health-security#tab=tab_1
(14)Chassery, Leïla, et al. « Chapitre 27. Créativité et gestion de crises épidémiologiques », Nathalie Bonnardel éd., La créativité en situations. Théories et applications. Dunod, 2023, pp. 349-359.
(15)Y. Buisson, Les leçons de la Covid-19, Bulletin de l'Académie Nationale de Médecine, Volume 205, Issue 9, 2021, Pages 1072-1074
(16)François Bourdillon, La prévention, la grande oubliée, Médecine des Maladies Métaboliques, Volume 16, Issue 3, 2022, Pages 249-254.
(17)Ellwanger JH, Veiga ABG, Kaminski VL, Valverde-Villegas JM, Freitas AWQ, Chies JAB. Control and prevention of infectious diseases from a One Health perspective. Genet Mol Biol. 2021 Jan 29;44(1 Suppl 1)
(18)Tartari E, Hopman J, Allegranzi B, Gao B, Widmer A, Cheng VC, Wong SC, Marimuthu K, Ogunsola F, Voss A; International Society of Antimicrobial Chemotherapy Infection and Prevention Control ISAC-IPC Working Group. Perceived challenges of COVID-19 infection prevention and control preparedness: A multinational survey. J Glob Antimicrob Resist. 2020 Sep;22:779-781
(19) Veille épidémiologique-Introduction. ECDC- EN LIGNE https://eva.ecdc.europa.eu/pluginfile.php/24297/mod_resource/content/0/EI_TUTORIAL_unit_01_introduction_FR.pdf
(20)IFRC. Epidemic Control Toolkit. Online https://epidemics.ifrc.org/ar/manager/almfahym-alryyst-lmdyry-alastjabt-alwbayyt
(21)CDC-USA. Event-based Surveillance. Online https://www.cdc.gov/globalhealth/healthprotection/gddopscenter/event-based-surveillance.html#:~:text=EBS%20looks%20at%20reports%2C%20stories,are%20accessed%20via%20the%20internet.
(22)Idubor OI, Kobayashi M, Ndegwa L, Okeyo M, Galgalo T, Kalani R, et al.Improving Detection and Response to Respiratory Events - Kenya, April 2016-April 2020. MMWR Morb Mortal Wkly Rep. 2020;69:540-4.
(23)WHO. Rapid risk assessment of acute public health events.2012
(24)WHO. Framework for a Public Health Emergency Operations Centre. 2015
(25)WHO. Research in emergencies. online https://www.who.int/emergencies/research
(26)Catherine A.H.Smallwood, Ihor Perehinets, J.Sam Meyer and Dorit Nitzan . Eurohealth — Vol.27 | No.1 | 2021
(27)USA-CDC. Disaster Epidemiology. Public Health Surveillance During a Disaster.
(28) INTERPOL. Bioterrorism. Online. https://www.interpol.int/en/Crimes/Terrorism/Bioterrorism
(29)WHO. World Health Organization strategy (2022-2026) for the National Action Plan for Health Security
الكاتب: د-معاذ أحمد محمد المرابط،
طبيب اخصائي في الوبائيات الميدانية، منسق المركز الوطني لعمليات طوارئ الصحة العامة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمملكة المغربية. الرباط